اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 68
فهذا بيان خلق آدم، وأما قوله: {مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 8] .
فهذا بدء خلق ذريته، من سلالة يعني النطفة إذا انسلت من الرجل، فذلك قوله: {مِنْ مَاءٍ} ، يعني النطفة، {مَهِينٍ} يعني ضعيف.
فهذا ما شَكَّت فيه الزنادقة.
شك الزنادقة في قوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}
...
وأما قوله:
{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [الشعراء: 28] .
{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17]
{رَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: 40]
فشكوا في القرآن، وقالوا: كيف يكون هذا من الكلام المحكم؟ [1]. [1] قال ابن القيم -رحمه الله- وهو يزيل هذه الشبهة: ومن هذا المعنى مجيء المشرق والمغرب في القرآن تارة مجموعين وتارة مثنيين وتارة مفردين، لاختصاص كل محل بما يقتضيه من ذلك، فالأول كقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: 40] والثاني كقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 17] والثالث كقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} [المزمل: 9] فتأمل هذه الحكمة البالغة في تغاير هذه الأوضاع في الإفراد والجمع والتثنية بحسب مواردها يطلعك على عظمة القرآن وجلالته وأنه تنزيل من حكيم حميد، فحيث جمعت كان المراد بها: مشارق الشمس ومغاربها في أيام السنة، وهي متعددة، وحيث أفردا كان المراد: أفقي المشرق والمغرب. وحيث ثُنِّيَا كان المراد: مشرقي صعودها وهبوطها ومغربيهما فإنها تبتدئ صاعدة حتى تنتهي إلى غاية أوجها وارتفاعها فهذا مشرق صعودها، وينشأ منه فصلا الخريف والشتاء، فجعل مشرق صعودها بجملته =
اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 68